الإنترنت هو اللغة العالمية التي يتحدثها كل البشر والآلات وهو الشيء المشترك بين الجميع، وبالرغم من أن الإنترنت مازال تكنولوجيا شابة إلا أنه من الصعب أن نتخيل الحياة من دونه، لقد اندمجت حياتنا بالإنترنت تمامًا وأصبح كل شيء تقريبًا متصلًّا بالإنترنت، وبتنا نعتمد عليه في أمور كثيرة في حياتنا، وما زال المهندسون يعملون كل يوم على إضافة أجهزة جديدة وذكية لحياتنا يمكنها الاتصال بالإنترنت، فكلمة “ذكي” أصبحت بشكل ما لقب لا يطلق سوى على ما يمكنه الاتصال بالإنترنت، لذلك سنسلط الضوء على هذه الشبكة العجيبة في مقالنا اليوم وسنحاول بشكل بسيط ومختصر الإجابة على أول سؤالين في عنوان المقال، ما هو الإنترنت وكيف يعمل؟
الإنترنت نظام مرن حيث يتأثر ويتغير بشكل طفيف عند دخول أو خروج عناصر للشبكة حول العالم، بعض هذه العناصر أو المكونات قد تبقى ثابته لتصبح جزءًا من العمود الفقري للإنترنت Internet Backbone بينما تبقى المكونات الأخرى الأقل أهمية وغير الثابتة كأطراف Peripherals قد تظل متصلة وقد تقطع اتصالها بشبكة الإنترنت في أي وقت. جهازك الذي تستخدمه للاتصال بالإنترنت هو جزء من شبكة حتى وإن كان هاتفك الذكي أو جهاز اللابتوب، أنت في الواقع تتصل سلكيًّا أو لاسلكيًّا بشبكة أخرى، وهي شبكة مزود خدمة الإنترنت أو الشركة التي تزودك باتصال الإنترنت، وهي بدورها تتصل بشبكة أخرى وهكذا، فالإنترنت في النهاية ما هو إلا شبكة من الشبكات كما ذكرنا وأنت لا تحتاج سوى الاتصال بأحدها لتصبح جزءًا منه. لا يوجد شبكة معينة تتحكم في الإنترنت وإنما يوجد عدد من الشبكات الرئيسية المتصلة ببعضها عبر ما يعرف بنقاط الوصول الشبكي Network Access Points، وهي نقاط تتصل من خلالها الشبكات الرئيسية ببعضها البعض، وبهذا المنوال عندما تصبح الشبكات الرئيسية حول العالم متصلة ببعضها تصبح كافة الشبكات الأخرى الفرعية متصلة ببعضها أيضًا ويصبح كل شخص في العالم يمكنه الاتصال بإحدى تلك الشبكات أن يتصل بأي شخص أو جهاز آخر متصل بها.
بعض هذه المكونات قد تكون توصيلات سلكية مثل الكابلات النحاسية أو الألياف الضوئية أو لاسلكية مثل موجات الراديو وهي وسائل انتقال البيانات بين الشبكات، وبعضها قد يكون نهايات طرفية End Points مثل أجهزة الكومبيوتر والهواتف الذكية واللوحيات أو أي جهاز آخر نستخدمة للوصول للإنترنت. نطلق على هذه المكونات اسم عميل أو زبون Clients أمّا المكونات الأخرى التي تختزن البيانات التي نسعى خلفها على الإنترنت تعرف بالخادمات Servers، باقي المكونات مثل المُوجّهات والمُحوّلات مثلًا يشار إليها بنقاط التقاطع Nodes والتي تخدم كنقاط اتصال بين الشبكات الفرعية المختلفة.
كل العتاد السابق لم يكن لينتج عنه شبكة من دون المكون الثاني للإنترنت، البروتوكولات Protocols. البروتوكولات عبارة عن مجموعة من القوانين التي تتبعها الآلة (الكومبيوتر أو الراوتر أو الخادم) من أجل إتمام مهمة ما، من دون هذه القوانين والمعايير التي تتبعها الأجهزة والمكونات المتصلة بالإنترنت لا يمكن تحقيق اتصال أو نقل البيانات بشكل ناجح بين هذه الأجهزة؛ لأن الأجهزة “المختلفة” لن تتمكن من فهم بعضها البعض من أجل تحقيق اتصال فيما بينها، البروتوكولات توفر “طريقة” و”لغة مشتركة” يمكن للأجهزة اتباعها من أجل تحقيق الاتصال فيما بينها وإرسال البيانات بشكل ناجح.
إن كنت من مستخدمي الإنترنت فقد سمعت بالتأكيد عن بعض هذه البروتوكولات، على سبيل المثال بروتوكول Hypertext Transfer Protocol أو HTTP والذي نستخدمه من أجل تصفح صفحات ومواقع الإنترنت من خلال المتصفح، ويمكنك أن تجد هذه الحروف الأربعة قبل عنوان أي موقع. وهناك أيضًا بروتوكول FTP أو File Transfer Protocol والذي نستخدمه من أجل تحميل الملفات من الخوادم أو السيرفرات، بروتوكولات مثل هذه والعشرات غيرها تخلق بيئة عمل لابد لكافة الأجهزة أن تعمل خلالها لتصبح جزءًا من الإنترنت.
من أهم البروتوكولات أيضًا بروتوكول Transmission Control Protocol ويعرف اختصارًا بـTCP وبروتوكول Internet protocol ويعرف اختصارًا بـIP واللذان غالبًا ما يتم الإشارة إليهما مجتمعان في اسم واحد وهو TCP/IP، دور هذه البروتوكولات هام جدًّا. بشكل مختصر، هذه البروتوكولات تتضمن المعايير الخاصة بكيفية إرسال البيانات عبر الإنترنت، ومن غير هذه المعايير فأنت بحاجة لاتصال مادي مباشر مع الأجهزة الأخرى التي ترغب في الوصول للمعلومات المختزنة عليها بالإضافة للغة مشتركة بينك وبين تلك الأجهزة لتتمكن من تحقيق ذلك الاتصال. من المؤكد أنك سمعت عن عناوين الإنترنت IP Adresses هذه العناوين تتبع بروتوكول Internet Protocol فكل جهاز بغض النظر عن نوعه أو وظيفته يمتلك عنوان إنترنت أو IP خاص به طالما كان متصلًا بالإنترنت، وبهذه الطريقة يمكن للأجهزة أن تجد بعضها البعض خلال تلك الشبكة العملاقة من الأجهزة.
عناوين الإنترنت تتكون من الأرقام الثنائية، وهو نظام رقمي يتكون من الصفر والواحد فقط، وهي اللغة التي تتحدث بها كافة الأجهزة الإلكترونية كما أنها الوسيلة المتبعة لإرسال البيانات في كافة أنظمة الاتصالات الرقمية، النظام الحالي لعناوين الإنترنت هو الإصدار الرابع ويتكون من 32 bit أي 32 رقمًا لأن كل رقم سواءً صفر أو واحد يمثل وحدة واحدة أو bit، باستخدام 32 رقم يمكننا أن نحصل على 4.3 مليار عنوان إنترنت، وهي كمية غير كافية لعدد الأجهزة الهائل المتصلة بالإنترنت لذلك قررت منظمة IETF في عام 1991 البدء في تطوير إصدار جديد لعناوين الإنترنت أطلقت عليه IPv6 ويتكون من 128 رقم لسد الفجوة الحالية والمستقبلية، حيث سيوفر النظام الجديد 340,282,366,920,938,000,000,000,000,000,000,000,000 عنوان إنترنت مختلف، ولا أجد طريقة أقصر لنطق الرقم بها من أن أخبركم أن هذا الرقم يساوي عدد الذرات الموجودة على سطح كوكب الارض كله بالإضافة لأكثر من مئة كوكب آخر.
عندما ترغب في استقبال أو إرسال بيانات من أو إلى جهاز آخر متصل بالإنترنت، لابد أن تكتب عنوانه في المتصفح الخاص بك، ونظرًا لصعوبة حفظ تلك الأرقام الطويلة تم ابتكار فكرة أسماء النطاقات، اسم النطاق هو الاسم الذي تقوم بكتابته في متصفحك مثل Google.com مثلًا وهناك ما يعرف بخادم أسماء النطاقات Domain Name Server ويشار إليه اختصارًا بـ DNS ودوره هو القيام بمقارنة اسم النطاق الذي كتبته مع عنوان الإنترنت الرقمي IP الخاص به لينقلك مباشرة إليه. أسماء النطاقات تنقسم لقسمين، أسماء من الطبقة العليا مثل com و net و org و edu وgov وأسماء الطبقة الثانية مثل Google أو Youtube أو فيس بوك
إذًا الخطوات بالترتيب وبشكل مختصر في حال أردت زيارة موقع إنترنت تبدأ بكتابة اسم الموقع في متصفحك ليبدأ بروتوكول IP ببدء اتصال مع شبكة الإنترنت وتحديدًا مع شبكة الشركة التي تزودك بخدمة الإنترنت Internet Service Provider والتي ستقوم بتوفير عنوان إنترنت مؤقت خاص بك (IP) وتحويلك عبر الراوترات الخاصة بها إلى شبكة رئيسية أخرى حتى يصل طلبك إلى خادم أسماء النطاقات DNS الذي سيترجم اسم الموقع إلى عنوان الإنترنت الرقمي IP Address الذي يقابله وينقل طلبك لخادم الويب أوخادم مواقع الإنترنت Web Server الذي يحتفظ بالموقع الذي تود زيارته ومن هنا يبدأ عمل بروتوكول TCP لتحقيق عملية إرسال واستقبال ناجحة للبيانات، هذه البيانات تستخدم بروتوكولات أخرى لتظهر لك بلغة وصورة تفهمها، مثلًا إذا كانت نصوصًا أو صورًا فسيستخدم المتصفح بروتوكول HTTP لعرضها لك.
البيانات قد تسلك طرقًا مختلفة ومتفرعة لكي تصل لك عبر الإنترنت فإذا كان اتصالك بموقع مختزن على خادم متواجد في الصين مثلًا قد تمر البيانات بعدة دول وخادمات وراوترات ومحولات حتّى تصلك، هذا النظام المرن في نقل البيانات هو ما يجعل الإنترنت أداة رائعة لا شيء يضاهي قوتها. لنلق نظرة الآن على كيفية انتقال البيانات عبر الإنترنت، كما ذكرنا لتتمكن من قراءة هذا المقال لابد لجهاز الكومبيوتر الخاص بك أن يتصل بخادم مواقع الإنترنت Web server الذي يختزن أو يستضيف موقع عالم الإبداع وملفاته وسنعتمد على هذا كمثال لتوضيح كيفية انتقال البيانات عبر الإنترنت.
في البداية ستفتح متصفح الإنترنت الخاص بك ثم ستكتب عنوان موقع عالم الإبداع من أجل الاتصال به، عندما تقوم بذلك سيقوم جهاز الكومبيوتر الخاص بك بإرسال طلب إلكتروني (مجرد نبضات كهربائية ولكن بنظام معيّن) عبر اتصال الإنترنت الخاص بك إلى مزود خدمة الإنترنت الخاص بك ISP وهي الشركة التي وفرت لك خط اتصال بالإنترنت، تقوم مُوجّهات وأجهزة مزود خدمة الإنترنت الخاص بك بعد ذلك بتوجيه طلبك إلى خوادم أخرى ليصل في النهاية إلى خادم أسماء النطاقات DNS والذي سيبحث كما ذكرنا عن عنوان الإنترنت المقابل لاسم الموقع الذي قمت بكتابته، وفي حال إيجاده سيقوم بتوجيه طلبك إلى عنوان الإنترنت الخاص بخادم مواقع الإنترنت الصحيح الذي يختزن الموقع الذي ترغب في زيارته، وفي حال لم يجده سيقوم بنقل طلبك لخوادم أخرى لديها معلومات أكثر لإجراء المزيد من البحث.
في نهاية المطاف سيصل طلبك لخادم المواقع الخاص بعالم الإبداع، سيقوم الخادم بالاستجابة لطلبك عبر البدء في إرسال الملفات والبيانات الخاصة بالموقع في شكل مجموعة من البيانات تعرف باسم الباكت أو Packets، أصغر وحدة لنقل البيانات هي الـ bit والتي تمثل الصفر أو الواحد، وكل ثمانية من هذه الوحدات تشكل الـ Byte، وكل 1024 Byte تمثل كيلوبايت KB وكل 1024 كيلوبايت تمثل ميجابايت Megabyte، وكل 1024 ميجابايت تمثل واحد جيجابايت وهكذا، لنعود الآن للباكت وهي عبارة عن مجموعة من البيانات يتراوح حجمها من 1000 بايت إلى 1500 بايت، كل باكت تحتوي على ما يعرف بالرأس Header والذيل Footer بهما معلومات تخبر أجهزة الكومبيوتر والراوترات المسؤولة عن توجيه هذه الباكت في الطريق الصحيح عن ما بداخلها والعنوان الذي يجب أن تذهب إليه والعنوان القادمة منه كما توضح كيفية دمجها بالباكت الأخرى لنحصل على البيانات في صورتها النهائية، هذه الباكت تجوب الإنترنت حتى تصل إليك ولا يشترط أن تسلك جميعها نفس المسار، فكل باكت وحدة قائمة بذاتها تسلك الطريق الأنسب وفقًا لعدة متغيرات أهمها تلافي مناطق الازدحام والاختناق في شبكة الإنترنت كما ستضمن هذه الميزة استمرار انتقال البيانات في حالة عطب أجزاء من الإنترنت طالما أن ما زالت هناك بعض نقاط الاتصال التي تعمل، ولكن بالطبع ستأخذ البيانات وقتًا أطول.
عندما تصل هذه الباكت إليك سيقوم جهاز الكومبيوتر الخاص بك بترتيبهم وفقًا للمعايير والقوانين الخاصة بالبروتوكولات، فجهازك يعلم تمامًا الطريقة التي قام بها الطرف الآخر بتقطيع البيانات إلى باكت صغيرة لأنه يتبع نفس البروتوكول المتفق عليه لذلك سيتمكن من إعادة ترتيبها بسهولة، والنتيجة ستكون المقال الذي تقرؤه الآن، كافة أشكال الاتصال الأخرى عبر الإنترنت تتبع نفس المنهج المبسط السابق، الرسائل الإلكترونية، مشاهد الفيديو، الاتصالات الهاتفية عبر الإنترنت، برامج المحادثة الفورية كلها تقوم بالتواصل فيما بينها بنفس المبدأ والطريقة.
يتم ربط القارات بعضها ببعض بالأنترنيت بكابلات بحرية ممتدة لالاف الكيلومترات تم توصيلها بباخرات إن صح التعبير بإستعمال كابلات خاصة حيث تتميز بنقل المعلومات بسرعة أكبر عكس الكابلات العادية التي نعرفها , إليك الفيديو عن الكابلات المستعملة ,
و هذا فيديو عن خريطة الكابلات التي تربط العالم بأسره ,
إلى هنا تنتهي التدوينة أتمنى أنني قد أفدتك , لاتنسى دعمنا بمشاركة المواضيع و ترك تعليق .
تعليقات
إرسال تعليق